عاشوراء حدث انساني



في الحديث عن عاشوراء، لايمكن تجاوز ما وقع فيها على سبط رسول الله  ص ، باجباره على الخروج من مكة وهو محرما فيها، وتقتيل احفاد رسول الله في صحراء نينوى، ومن ثم القتل و التمثيل البشع بجثة الحسين ع و اخيه و ابنائه حتى الرضع منهم واصحابه، وتقطيع رؤسهم، ورفعها على الرماح، ومن ثم سبي حفيدة رسول الله "زينب بنت علي" ع هي ومعها أحفاد النبوة وسوقهم على البهائم في البراري من العراق الى الشام و ادخالهم الطرقات و الاسواق و إجبارهم دخول قصورالقائمين على قتل رجالهم.
لا يمكن لمن هو متعايش مع انسانيته، ومتحرر من ضغوط  العادات و التقاليد و التراكمات التاريخية التي انتهجت نهج التسطيح والتبسيط لنا حدث بين القاتل واعوانه والشهيد واصحابه، لايمكن لمن يتجرد من كل هذا ويستحضر انسانيته الا ان يتأمل ويتألم و يندب أمة يفعل بعض من انتسبوا اليها هذا الفعل بابن بنت رسول الله. 

نعم ، الانسان معنى ومضمونا ومطلعا على التفاصيل سيتفاعل مع مقتل ابن بنت النبي ص واخيه العباس  واولاده واصحابه. نعم كل هؤلاء ال ٧٢ وكل منهم له حديث وقصة مع رسول الله ص او مع خليفته الامام علي ع. كيف لا يتفاعل انسانيا وكانت عاشوراء على مسافة قريبة جدا من زمن دفن قائد البشرية و خاتم الرسالات، و المبشر بمكارم الاخلاق، و الرحيم مع اعدائه و اصحابه واهله، نعم على مسافة وجيزة من ارتحال نبي الرحمة محمد بن عبد الله (ص) بالرفيق الأعلى حيث كانت لا تزال اصداء احاديثه تتردد في كل زوايا مدينته، و لازال "أشهد أن محمدا رسول الله" يصدح بها بلال في مآذنها ليلا ونهارا. 

في عاشوراء ، حديث ونقاش لاستحضار ما حدث فيها ، لعل يصل الناس لفهم لما حدث لعترته ص التي اوصى بهم واكد على ان الصلاة عليه لا تكتمل الا بالصلاة عليهم.. والا كانت صلاة بتراء.

مع كل  المآسي التي حلت ببيت النبوة ممثلة في الامام الحسين ع، الا ان هناك من يتنكر لها ويحاول قلب الامور واظهارها بشكل مشوه. فإذا لم يكن للتنكر لتلك المظلومية التي واجهها الحسين ع، دافع لأن يجتمع المختلفون من أجل رفع الظلم عن كل المظلومين، و الاستنكار ممن قام بكل تلك المآسي في حق حفيد رسول الله، الإمام قائما كان أو قاعدا، فهل يمكن أن يشكل موقعه (ع) سيدا لشباب أهل الجنة وسبطا لرسول الله وصاحب التراث الديني والثقافي والتربوي الكبير دافعا لهم؟ . فأدعيته التي تنقل عنه غاية في التألق وغاية في الروحانية، فكلماته منطلقة من افواه أصحاب الجنة. وهذا دعاء يوم عرفة وكلماته التي تمثل حديث النبوة واهل البيت ع. 

فهل يتأمل كل من قراء هذه الأسطر الان ويسأل ، الى اين ينتمي هذا الحسين عليه السلام ، هل هذا الدعاء في ادبيات من يقف مشوها لاحداث عاشوراء ؟ ولم لا يكون للحسين عاشوراء وكلامه هو كلام الموحدين وهو حفيد رسول الله؟ ولم لا يأخذ مكانه الطبيعي في تراث و ثقافة الناس فضلا عن أن يكون في ثقافة المسلمين والانسانية؟

وهل من سمع ، وتناقل و ربى الأجيال على هذ البعض من مقولاته، و تذكر أن من يقول هذه الكلمات هو سيد شباب أهل الجنة، و هو الإمام قام أو قعد، وهو حفيد رسول الله القائل (والله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد) والقائل  (إني لم أخرج أشرا ولا بطرا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله، أريد أن آمر بالمعروف وانهى عن المنكر)؟ ومرة أخرى ، لماذا يغيب تداول الناس لادبيات الامام الحسين ع  الاصيلة في خطبه ودعائه واحاديثه بدون مبالغات فيها وبدون اجحاف في حقه ع، ملتزمين بنقل ما هو صحيحا مباعدين عن كل ما ليس له دليل. 


مأجورين مثابين 


٣٠ جون ٢٠٢٤


فؤاد

تعليقات